قبل أن يفكِّر المرء ويُخطٍّط لأهدافٍ يُراد تحقيقها ، وغايات يُطلَب بلوغها ؛ هناك أمران لابدّ منهما ، ولا مندوحة للراغب عنهما ، وهما :
أولاً : الاستعانة بالله والتوكل عليه :
فلا بد للمرء أن يستحضر في ذهنه ذلك دائماً ، وفي كل خطوةٍ يخطوها ينبغي أن يجعل ذلك نُصْب عينيه، إذ الله هو المعين على كل مقصد ، ولا حول ولا قوة إلا به ، وهو المستعان ، فاستعن بالله؛ لأنه هو الذي يمنحك القوة لتبدأ ، وتوكل عليه ؛ لأنه هو الذي يهديك وييسّر لك السبل ، اطلب دائماً العون منه والتوفيق ، وأَظْهِر فقرك وحاجتك له في كل الأحوال تكن أغنى الناس وأقواهم ، فمن توكل على غير الله وُكِل إليه ، وكانت نهايته إلى خسار ، ولو حصَّل شيئاً من النجاح في هذه الدنيا.
ثم ابذل الأسباب المعينة على بلوغ ذلك الطريق ، واعلم أنه ليس هناك سبب يستقل بإيجاد المطلوب ، بل لابدّ من أمر خالق الأسباب ، فالجأ إليه ، وتوكّل عليه تأوِ إلى ركنٍ شديد .
قال ابن القيم رحمه الله :
(شهدتُ شيخ الإسلام ـ قدَّس الله روحه ـ إذا أَعْيَتْه المسائل واستصعبتْ عليه : فرَّ منها إلى التوبة والاستغفار والاستغاثة بالله واللَّجَأ إليه واسْتِنْـزَال الصواب من عنده والاستفتاح من خزائن رحمته؛ فقلَّما يَلْبث المَدَدُ الإلهي أن يتتابع عليه مَدَّاً ، وتَزْدَلِفُ الفتوحات الإلهية إليه بأيَّتِهِنَّ يَبْدَأ) .
إذا لم يكنْ عونٌ من اللهِ للفتى
فأولُ ما يَجْني عليه اجتَهادُهُ
ثانياً : الإيمان والرضا بالقضاء والقدر :
بعد إتيانك بالأمر السابق ، وبعد أن بذلتَ الجَهْد ، وعملتَ بالأسباب ، فلا تحزن إن فشلتَ أو لم يتحقق هدفك ، بل ارْضَ بما قَسَم الله لك ، واعلم أن الخيرة فيما اختاره الله ، واعلم أنَّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، رُفِعَت الأقلام وجَفَّت الصحف .
• ثم هاهنا مبحثان :
المبحث الأول : في التفكير :
هناك أمور لابد من استشعارها حتى يصبح التفكير ناجحاً ويُؤتي ثماره ، وهي على النحو التالي :
• أولاً : أن يعلم الإنسان أنَّ من أعظم نعم الله على العبد أن وهبه عقلاً يفكِّر به ، ويميّز به ، فبالتفكير يزداد يقين العبد ، وبالتفكير يعرف العبد آيات الله في الكون ، وفي نفسه.
• ثانياً : أن هذا العقل إنما يستفيد منه حق الاستفادة مَن كان يريد أن يصنع الحياة ، لا مَن يريد أن يكون متفرِّجاً فقط على ما يحدث في الحياة .
• ثالثاً : كثرة التساؤل عن ما يراد تحقيقه مطلب مهم، إذ الأسئلة تستثير الأفكار ، وتوقظها وتجعلها في حالة تطور وتكاثر لا يتوقف .
• رابعاً : ابدأ العمل من حيث انتهى الآخرون لا من حيث بدءوا ، فإن مَنْ يَسِيْر في خُطى الآخرين لا يَتْرُك أثراً مهما طال مسيره ، ثم استغل الأفكار الإبداعية.
فهاهو الإمام البخاري ـ يرحمه الله ـ يستغلُّ فكرة عابرة خلَّدتْ ذكره ، ورفعتْ منـزلته رحمه الله ، وذلك لما ألّف كتابه : [ الجامع الصحيح ] . قال البخاري ـ رحمه الله ـ : "كنت عند إسحاق بن راهويه، فقال لنا بعض أصحابنا :لو جمعتم كتاباً مختصراً في الصحيح لسنن النبي ، وكانت الكتب قبل ذلك تَجْمَع الصحيح والضعيف ، فوقع ذلك في قلبي فأخذتُ في جَمْع هذا الكتاب ـ يعني : كتاب صحيح البخاري ـ" .
• خامساً : التفكير هو مبدأ العمل ، ولا يستطيع أحدٌ أن يعمل دون أن يُفكِّر ، وبقدر سمو هذا التفكير تَسْمو الأعمال . ولا تكون الأعمال رَتِيْبَة مملّة لا تجديد ولا إبداع فيها : إلا بإهمال التفكير وتعطيل عمل الذهن ، والانشغال بالعمل دون تفكير أو رغبة في التطوير .
• سادساً : لا تحتقر أيَّ فكرة مهما بدأ أنها سَطْحية لأول وَهْلَة ، فقد تكون عند التَّمْحِيص فكرة قيَّمة ، أو قد تكون مبدأ لفكرة ذات شأن .
• سابعاً : حاول الإبداع ، والارتقاء بالعمل إلى الأفضل .
واعلم أن هناك أخطاء تتعلق بالإبداع وهي كما يلي :
أولها : الظن أن الفكرة الإبداعية لابد أن تكون جديدة في أصلها .
وهذا غير صحيح ، بل الأفكار الجديدة تكون بالتعامل مع الأفكار القديمة ، وذلك يكون بإحدى طرق ، منها :
1ـ الاستعارة ، وذلك بأن يَسْتعير الإنسانُ فكرة مُطَبَّقة في مجال من المجالات ويستخدمها في مجال جديد تكون فيه نافعة ، وتَقْضي على مشكلة كانت موجودة من قبل في هذا المجال.
2ـ الإضافة ، وذلك بأن يأتي الشخص إلى فكرة مطبّقة لكن فيها نقص ، فيأتي فيُكَمِّلها حتى تكثر الفائدة ويزداد نجاح العمل.
3ـ الجمع والمزج ، وذلك بأن يأتي المرء فَيجْمع بين فكرتين موجودتين ويَمْزِج بينهما ، فَيخْرج بفكرة مركّبة ثالثة تحل كثيراً من الاشكالات .
4ـ التعديل ، وذلك بأن يأتي المرء لفكرة قائمة ، فيعدِّل فيها ، ويهذبها بحيث تناسب وضعاً آخر .
وثانيها : الظن بأن العلماء فقط هم الذين يمكنهم الإتيان بشيء جديد .
وهذا غير صحيح ، إذ لا يشترط في الفكرة الإبداعية أن تكون علمية بحتة ، بل قد تكون عاديّة، ومن السهولة بمكان .
وثالثها : الظن بأن الأذكياء والموهوبين هم الذين يمكنهم الإبداع فقط .
وليس هذا مطلقاً ؛ بل الإنسان العادي يستطيع بالتعلم والصبر أن يمارس التفكير الإبداعي،وأن يستفيد من قدراته العقلية العادية .
ورابعها : الظن بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان ، وما ترك الأول للآخر شيئاً .
وهذا غير صحيح ، بل إن فرصة المتأخر في الإبداع والابتكار أكبر من فرصة المتقدمين ، وذلك نتيجة لتشعُّب حاجات الناس ، وتنوُّع وسائل الملاحظة والتجريب وأساليب التفكير ، فكل فكرة تفتح مجالاً لأفكار ، وكل حاجة تدعو إلى ابتكار .
• ثامناً : اجعل تفكيرك إبداعيّا :
والتفكير الإبداعي هو التفكير الذي يسعى إلى حل المشكلات ، والإجابة عن التساؤلات بطريقة بديعة مبتكرة .
• تاسعاً : حوِّل الأفكار إلى حقائق :
فإن الأفكار مهما كانت بديعة ، ومهما كانت عظيمة : فإنها لا تُنَال قيمتها الحقيقية إلا إذا انتقلتْ من حَيِّز الفكر المجرَّد إلى حَيِّز الواقع المَلْمُوْس ، حيث تُصْبح حقيقة يَسْتَفيد منها من يَحْتَاجها ، فالأفكار لا تُرَاد لنفسها ، بل لما يَنْتُج عنها من الثمار .
أولاً : الاستعانة بالله والتوكل عليه :
فلا بد للمرء أن يستحضر في ذهنه ذلك دائماً ، وفي كل خطوةٍ يخطوها ينبغي أن يجعل ذلك نُصْب عينيه، إذ الله هو المعين على كل مقصد ، ولا حول ولا قوة إلا به ، وهو المستعان ، فاستعن بالله؛ لأنه هو الذي يمنحك القوة لتبدأ ، وتوكل عليه ؛ لأنه هو الذي يهديك وييسّر لك السبل ، اطلب دائماً العون منه والتوفيق ، وأَظْهِر فقرك وحاجتك له في كل الأحوال تكن أغنى الناس وأقواهم ، فمن توكل على غير الله وُكِل إليه ، وكانت نهايته إلى خسار ، ولو حصَّل شيئاً من النجاح في هذه الدنيا.
ثم ابذل الأسباب المعينة على بلوغ ذلك الطريق ، واعلم أنه ليس هناك سبب يستقل بإيجاد المطلوب ، بل لابدّ من أمر خالق الأسباب ، فالجأ إليه ، وتوكّل عليه تأوِ إلى ركنٍ شديد .
قال ابن القيم رحمه الله :
(شهدتُ شيخ الإسلام ـ قدَّس الله روحه ـ إذا أَعْيَتْه المسائل واستصعبتْ عليه : فرَّ منها إلى التوبة والاستغفار والاستغاثة بالله واللَّجَأ إليه واسْتِنْـزَال الصواب من عنده والاستفتاح من خزائن رحمته؛ فقلَّما يَلْبث المَدَدُ الإلهي أن يتتابع عليه مَدَّاً ، وتَزْدَلِفُ الفتوحات الإلهية إليه بأيَّتِهِنَّ يَبْدَأ) .
إذا لم يكنْ عونٌ من اللهِ للفتى
فأولُ ما يَجْني عليه اجتَهادُهُ
ثانياً : الإيمان والرضا بالقضاء والقدر :
بعد إتيانك بالأمر السابق ، وبعد أن بذلتَ الجَهْد ، وعملتَ بالأسباب ، فلا تحزن إن فشلتَ أو لم يتحقق هدفك ، بل ارْضَ بما قَسَم الله لك ، واعلم أن الخيرة فيما اختاره الله ، واعلم أنَّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، رُفِعَت الأقلام وجَفَّت الصحف .
• ثم هاهنا مبحثان :
المبحث الأول : في التفكير :
هناك أمور لابد من استشعارها حتى يصبح التفكير ناجحاً ويُؤتي ثماره ، وهي على النحو التالي :
• أولاً : أن يعلم الإنسان أنَّ من أعظم نعم الله على العبد أن وهبه عقلاً يفكِّر به ، ويميّز به ، فبالتفكير يزداد يقين العبد ، وبالتفكير يعرف العبد آيات الله في الكون ، وفي نفسه.
• ثانياً : أن هذا العقل إنما يستفيد منه حق الاستفادة مَن كان يريد أن يصنع الحياة ، لا مَن يريد أن يكون متفرِّجاً فقط على ما يحدث في الحياة .
• ثالثاً : كثرة التساؤل عن ما يراد تحقيقه مطلب مهم، إذ الأسئلة تستثير الأفكار ، وتوقظها وتجعلها في حالة تطور وتكاثر لا يتوقف .
• رابعاً : ابدأ العمل من حيث انتهى الآخرون لا من حيث بدءوا ، فإن مَنْ يَسِيْر في خُطى الآخرين لا يَتْرُك أثراً مهما طال مسيره ، ثم استغل الأفكار الإبداعية.
فهاهو الإمام البخاري ـ يرحمه الله ـ يستغلُّ فكرة عابرة خلَّدتْ ذكره ، ورفعتْ منـزلته رحمه الله ، وذلك لما ألّف كتابه : [ الجامع الصحيح ] . قال البخاري ـ رحمه الله ـ : "كنت عند إسحاق بن راهويه، فقال لنا بعض أصحابنا :لو جمعتم كتاباً مختصراً في الصحيح لسنن النبي ، وكانت الكتب قبل ذلك تَجْمَع الصحيح والضعيف ، فوقع ذلك في قلبي فأخذتُ في جَمْع هذا الكتاب ـ يعني : كتاب صحيح البخاري ـ" .
• خامساً : التفكير هو مبدأ العمل ، ولا يستطيع أحدٌ أن يعمل دون أن يُفكِّر ، وبقدر سمو هذا التفكير تَسْمو الأعمال . ولا تكون الأعمال رَتِيْبَة مملّة لا تجديد ولا إبداع فيها : إلا بإهمال التفكير وتعطيل عمل الذهن ، والانشغال بالعمل دون تفكير أو رغبة في التطوير .
• سادساً : لا تحتقر أيَّ فكرة مهما بدأ أنها سَطْحية لأول وَهْلَة ، فقد تكون عند التَّمْحِيص فكرة قيَّمة ، أو قد تكون مبدأ لفكرة ذات شأن .
• سابعاً : حاول الإبداع ، والارتقاء بالعمل إلى الأفضل .
واعلم أن هناك أخطاء تتعلق بالإبداع وهي كما يلي :
أولها : الظن أن الفكرة الإبداعية لابد أن تكون جديدة في أصلها .
وهذا غير صحيح ، بل الأفكار الجديدة تكون بالتعامل مع الأفكار القديمة ، وذلك يكون بإحدى طرق ، منها :
1ـ الاستعارة ، وذلك بأن يَسْتعير الإنسانُ فكرة مُطَبَّقة في مجال من المجالات ويستخدمها في مجال جديد تكون فيه نافعة ، وتَقْضي على مشكلة كانت موجودة من قبل في هذا المجال.
2ـ الإضافة ، وذلك بأن يأتي الشخص إلى فكرة مطبّقة لكن فيها نقص ، فيأتي فيُكَمِّلها حتى تكثر الفائدة ويزداد نجاح العمل.
3ـ الجمع والمزج ، وذلك بأن يأتي المرء فَيجْمع بين فكرتين موجودتين ويَمْزِج بينهما ، فَيخْرج بفكرة مركّبة ثالثة تحل كثيراً من الاشكالات .
4ـ التعديل ، وذلك بأن يأتي المرء لفكرة قائمة ، فيعدِّل فيها ، ويهذبها بحيث تناسب وضعاً آخر .
وثانيها : الظن بأن العلماء فقط هم الذين يمكنهم الإتيان بشيء جديد .
وهذا غير صحيح ، إذ لا يشترط في الفكرة الإبداعية أن تكون علمية بحتة ، بل قد تكون عاديّة، ومن السهولة بمكان .
وثالثها : الظن بأن الأذكياء والموهوبين هم الذين يمكنهم الإبداع فقط .
وليس هذا مطلقاً ؛ بل الإنسان العادي يستطيع بالتعلم والصبر أن يمارس التفكير الإبداعي،وأن يستفيد من قدراته العقلية العادية .
ورابعها : الظن بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان ، وما ترك الأول للآخر شيئاً .
وهذا غير صحيح ، بل إن فرصة المتأخر في الإبداع والابتكار أكبر من فرصة المتقدمين ، وذلك نتيجة لتشعُّب حاجات الناس ، وتنوُّع وسائل الملاحظة والتجريب وأساليب التفكير ، فكل فكرة تفتح مجالاً لأفكار ، وكل حاجة تدعو إلى ابتكار .
• ثامناً : اجعل تفكيرك إبداعيّا :
والتفكير الإبداعي هو التفكير الذي يسعى إلى حل المشكلات ، والإجابة عن التساؤلات بطريقة بديعة مبتكرة .
• تاسعاً : حوِّل الأفكار إلى حقائق :
فإن الأفكار مهما كانت بديعة ، ومهما كانت عظيمة : فإنها لا تُنَال قيمتها الحقيقية إلا إذا انتقلتْ من حَيِّز الفكر المجرَّد إلى حَيِّز الواقع المَلْمُوْس ، حيث تُصْبح حقيقة يَسْتَفيد منها من يَحْتَاجها ، فالأفكار لا تُرَاد لنفسها ، بل لما يَنْتُج عنها من الثمار .